إذا كنت ممن يستمتعون بمشاهدة الأفلام الوثائقية على قنوات التلفاز،
فلابد وأن عُرض أمامك فيلم وثائقي يتحدث عن القارات القطبية الشمالية
والجنوبية، تلك القارتان البيضاوتان اللتان يغطيهما وبشكل كلي الجليد
الأبيض، وكذلك المناطق الشمالية مثل سيبريا، فتتألق هذه المناطق بالزي
الأبيض وتعطي مشهدًا خلابًا، يُذهل العيون. لكن هل تساءلت من قبل عن
إمكانية حياة البشرإذا كنت ممن يستمتعون بمشاهدة الأفلام الوثائقية على
قنوات التلفاز، فلابد وأن عُرض أمامك فيلم وثائقي يتحدث عن القارات
القطبية الشمالية والجنوبية ، تلك القارتان البيضاوتان اللتان يغطيهما
وبشكل كلي الجليد الأبيض، وكذلك المناطق الشمالية مثل سيبريا، فتتألق هذه
المناطق بالزي الأبيض وتعطي مشهدًا خلابًا، يُذهل العيون.
لكن هل تساءلت من قبل عن إمكانية حياة البشر في تلك البقاع، أو كيف يقيم
هناك من يذهب للاستكشاف؟ فالجسم البشري لا يحتمل أن يصمد أمام هذه
الحرارة المنخفضة لفترة طويلة من الزمن، إذن كيف يمكن للبشري أن يقي نفسه
من ذلك البرد القاتل؟ وكيف يتأقلم البشر الذين يعيشون في مثل هذه المناطق
القاسية مع هذه الحرارة المنخفضة للغاية؟
ربما شاهدت مبنى جليدي أقرب إلى الشكل البيضاوي، مَبني من قطع من الجليد،
على إحدى قنوات التلفزيون، مثل هذا الموجود في الصورة التالية.
ياله من بناء جميل، لكن ما هذا المبنى؟ وكيف يمكن بناؤه؟ إنه غير مكلف،
ولن يستهلك وقتًا طويلًا، ولكن يحتاج إلى بعض المهارات البسيطة، والتي
يمكن اكتسابها بسهولة، فوق هذا كله فهو دافئ من الداخل ويحمي من البرد،
فلنتعرف على مزيد من المعلومات حول هذا المبنى الرائع، إنه الكوخ
الجليدي، أو الإيغلو (igloo)، كما أطلق عليه الإسكيمو.
الكوخ الجليدي
الكوخ الجليدي عبارة عن بناء كروي مكون من مجموعة من الكتل الجليدية،
تنحني جدرانه للداخل، نحو الأعلى، فيشكل مبنى جليديًا، سقفه مُقوس، وبه
مدخل على هيئة نفق، ليمنع الهواء البارد من الدخول، ويوجد ثقب صغير
بالقرب من الجزء العلوي ليوفر التهوية، ويمتاز هذا المبنى بقدرته على
الاحتفاظ بالحرارة والحماية من الرياح، حيث يعمل الجليد كعازل ممتاز
للحرارة، وهذا مثال بارز على البراعة البشرية في البناء والقدرة على
التكيف مع البيئة.
منشأ الأكواخ الجليدي
يعتقد بأن هذه المباني كانت تستخدم منذ القدم، لكن أقرب تاريخ تعرف فيه
البشر على وجود مثل هذه المباني يعود إلى عام 1576 م؛ فأثناء رحلات مارتن
فروبيشر في بعثاته لاكتشاف الممر الشمالي الغربي، وصل إلى جزيرة بافين،
وهناك وجد قرية من الإسكيمو أو الانويت، وهم قبائل تعيش في المناطق
الشمالية البعيدة، ووجدهم يلجأون إلى مثل هذه المباني لحمايتهم من البرد
القاسي.
الأكواخ الجليدية تحمي من الحرارة المنخفضة ، فمثلًا إذا كانت درجة
الحرارة خارج المنزل -45 درجة مئوية، فإنها في الداخل ستتراوح ما بين -7
درجة مئوية إلى 16 درجة مئوية، والكوخ الجليدي ليس فقط ملجأ من البرد
القارس، بل وإنه أيضًا يتمتع بمظهر جميل.
كيف تبني كوخًا جليديًّا
الكوخ الجليدي من كتل من الجليد جُمِّعت لتكون الشكل النهائي كالتالي:
تستخدم قطع من الجليد مستطيلة الشكل، يبلغ طولها وعرضها 60 سم في 120 سم،
وسمكها يقدر بحوالي 20 سم.
تَصطف هذه القطع المستطيلة في دائرة على سطح الأرض الجليدية.
تُقطع الأسطح العلوية للكتل الجليدية بزاوية حادة لتكوين الدرجة الأولى من المبنى.
يتم إضافة كتل جليدية إضافية في الصفوف التالية بنفس النمط، مع سحبها
للداخل، حتى ينتهى تشييد هيكل المبنى، وفي النهاية يتبقى ثقب في الجزء
العلوي، يُترك مفتوحًا للتهوية.
تمتلئ الشقوق المتبقية مع تساقط الثلوج.
يُبنى مدخل بطول 3 أمتار للحماية من البرد.
تضاف الأغراض ويمكن صنع أسرة من الجليد بالداخل
كم من الوقت يستغرق بناء كوخ جليدي
الأمر ليس صعبًا، فقد يستغرق بناؤه ساعة واحدة من ذوي الخبرة، أما عن
المبتدئين فقد يستغرقون فترة زمنية في المتوسط من ثلاث ساعات إلى ست
ساعات، واليوم يُعد المنزل الجليدي بمثابة المأوي لمن يقومون برحلات في
الأماكن الجليدية، سواء للسياحة أو الاستكشاف.
ما حجم الأكواخ الجليدية
يبلغ حجم الكوخ الجليدي حوالي 3 أو 4 أمتار في القطر، لكن هناك بعض
الحالات والتي قد تمتد لحوالي 9 أمتار في القطر، لكن كلما كبر حجم
المبنى، كلما زادت البرودة داخله.
هل يعيش الإسكيمو دائما داخل أكواخ جليدية
ربما تصور البعض أنّ الإسكيمو يقيمون دائمًا بداخل الأكواخ الجليدية،
والحقيقة ليست كذلك، فالاسكيمو المعاصرين يقيمون داخل منازل خشبية أو
خيام أو حتى المنازل الإسمنتية وغيرها، إذن كيف ذلك وما زلوا حتى اليوم
يطلقون على منازلهم كلمة (igloo)؟ ببساطة كلمة (igloo) تعني (منزل) في
لغة الإسكيمو، وكلمة (igloo) – أي منزل – يطلقونها على أي مأوى قد يكون
بمثابة المنزل بالنسبة لهم، نستطيع القول بأن هذه الكلمة هي رمز للمنزل
أو المأوى بالنسبة إليهم.
كيف يكون الكوخ الجليدي دافئًا وهو مصنوع من الجليد
قد يستغرب البعض من فكرة الهروب من البرد داخل مأوى من الثلج، لكن
الكثيرون قد لا يعلمون أن الثلج عازل للحرارة، أجل هو كذلك، فكثافته
قليلة، كما أن هندسة الكوخ القباني التي تشكل قبة أعلاه تساعده على
مقاومة الرياح، فقد تبلغ درجة الحرارة داخل المبنى الجليدي حوالي 32 درجة
مئوية، وبزيادة أعداد الأشخاص بداخله، تقل البرودة، كما يمكن أن ترتفع
الحرارة بالداخل باستخدام الشموع، أو زيادة عدد الأشخاص بداخله، وبالطبع
يلزم وجود ثقب في الجزء العلوي منه للتهوية.
هل يمكن إشعال النار داخل الأكواخ الجليدية للتدفئة
ربما لا تصدقني إذا أخبرتك بأنه يمكنك فعل ذلك، مهلًا يا صديقي سأشرح لك
الأمر، أولًا يجب أن تشعل النيران في منتصف المأوى، تحت ثقب التهوية
مباشرة، فيخرج دخان النار من خلاله، بعيدًا عن جدران المبنى، ثانيًا يجب
أن تدرك أن الحرارة التي تخرج من الكوخ الجليدي بفعل النار تفقد وسط
البرودة الموجودة بالخارج، إذ أنّ الجليد يفقد الحرارة بمعدل أسرع من
الحرارة التي تولدها النار، لذا فإن الجليد لن يذوب.
صورة للكوخ الجليدي عند إشعال النيران فيه
كي تستطيع أن تشعل النار داخل الكوخ الجليدي توخى الحذر وأشعلها بالقدر
المطلوب للتدفئة فقط. هكذا يبدو الكوخ الجليدي عندما تشتعل بداخله
النيران.
كم من الوقت سيصمد الكوخ الجليدي
يستطيع الكوخ الجليدي الصمود دون أن ينهار طالما أنّ هناك ثلج وبرد،
والمنطقة المحيطة به بعيدة عن الحرارة المرتفعة، حتى ترتفع الحرارة،
فيذوب الجليد، عندئذ ينهار الكوخ الجليدي.
يمكنك أن تحاول بناء المبنى الجليدي الخاص بك، فهو غير مكلف، ولا يستغرق
كثيرًا من الوقت، لكن هذه الفرصة لن تتاح لك إلا في حالتين، الأولى أنك
من بلاد تغطيها الثلوج، وهذا غير منتشر في وطننا العربي الحبيب، والحالة
الثانية ستتوفر لك إذا كنت من محبي السفر والاستكشاف وخوض مغامرات في
الأماكن الجليدية البعيدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق