الأربعاء، 29 مايو 2019

علاء الدين فيلم عن بطل شرق أوسطي أخطأ طريقه إلى بوليود

المثير للاستغراب الحقيقي أن القصة المعروفة الأصول وأن بطلها عربي شرق
أوسطي تظهر في إطار فيلم بوليودي الشكل لهذه الدرجةاجتذبت قصة علاء الدين
ومصباحه السحري الأنظار الغربية منذ سنوات طويلة، قبل حتى إنتاج فيلم
ديزني الشهير عام 1992، فظهرت على المسارح من أصغرها وحتى برودواي، مثلها
في ذلك مثل قصص أخرى من ألف ليلة وليلة، بسحرها الشرقي المبهر للغرب.

لذلك لم يكن مستغربًا إنتاج ديزني فيلم عنها منذ عقدين، وإعادة إنتاج
الفيلم مرة أخرى في ظل حمى ديزني واستغلال أعمالها القديمة على شكل لايف
أكشن، ولكن المثير للاستغراب الحقيقي أن القصة المعروفة الأصول وأن بطلها
عربي شرق أوسطي تظهر في إطار فيلم بوليودي الشكل لهذه الدرجة، خاصة وأننا
في عصر العولمة والأنترنت، ولم يعد هناك صعوبات في إجراء الدراسات
والاستقصاءات لمعرفة تفاصيل عربية أو على الأقل شرق أوسطية لتطعيم فيلم
مقتبس من ألف ليلة وليلة بها.

أقرأ أيضًا: فيلم علاء الدين Aladdin … الوجه القبيح لديزني

علاء الدين فيلم بوليودي عن بطل عربي

بدأت مشاكل فيلم علاء الدين منذ اختيار الممثلين، حيث تتجه هوليود الآن
إلى التعدد العرقي، لذلك تمت مسابقة لاختيار البطلين الرئيسين  علاء
الدين وياسمين نتج عنها فريق بالفعل من أعراق مختلفة، فقام بدور الجني
أمريكي من أصول إفريقية ويل سميث، وعلاء الدين مينا مسعود المصري الكندي،
وياسمين ناعومي سكوت ذات الأصول الهندية، وجعفر التونسي الألماني مروان
كنزاري.

وقامت هوليود ولم تجلس عندما عرف أن المجموعات أو الكومبارس في المشاهد
بعضهم كانوا من البيض الذين تم تلوين بشرتهم حتى يصبحوا بشكل شرق أوسطي.

لكن هل هذا التعدد في الأصول كافي؟ في الحقيقة إنه غير كافي تمامًا،
والأهم إنه لا قيمة له بجوار الشكل الذي انتهجه الفيلم لنفسه، والذي جعل
أحد المتفرجين يخبرني إنه شعر كأنه يشاهد فيلم بوليودي!

بعيدًا عن  البطلة ياسمين ذات الملامح الهندية الواضحة، فأن الأزياء
هندية إلى حد كبير في خلط واضح بين الشرق أوسطي أو العربي والهندي، فلا
يوجد عرب يرتدون الساري الهندي على الأقل، وامتد ذلك إلى الاكسسوارات
والديكورات، ليأخذ الفيلم الطابع البوليودي بلا أي جدال.

وبما أن الفيلم غنائي استعراضي فمن بين الرقصات التي تم تأديتها رقصات
هندية بالكامل، لا شبه فيها، في تناسي من المخرج جاي ريتشي أصل الفيلم
الذي يقدمه، وخلط واضح بين العربي والهندي.

بل أن هناك مشهد بالكامل محير للغاية، فجعفر يقرر الزواج من ياسمين، ويتم
عقد قرآنهما على شكل غربي تمامًا، حيث يقف العروسان على المذبح مع شخص ذو
سلطة دينية، يسأل ياسمين هل تقبل جعفر زوجًا؟ نرجع مرة أخرى لنقطة
الاستسهال وعدم اهتمام القائمين على الفيلم بالبحث عبر الإنترنت لدقائق
لمعرفة شكل طقوس الزواج الشرق أوسطية ونقلها.

في الحقيقة يكمل هذا الشكل ما بدأته ديزني مسبقًا باختيار ممثلين اثنين
فقط من ضمن طاقم العمل من أصول عربية، والاتجاه لأصول أخرى، وذلك على عكس
ما فعلته على سبيل المثال مع فيلم مولان القادم الذي اختارت له طاقم عمل
آسيوي بالكامل.

اثنين ممثلين من أصول عربية لكن هل يصلحون؟

يمكن أن تقول أن مينا مسعود ومروان كنزاري هما ذرة الملح التي يضعها جاي
ريتشي ومنتجي الفيلم المنفذين في عيون من يقولون أن الفيلم يخلو من أصحاب
الأصول العربية، ولكن من ناحية أخرى فهل كان اختيار الممثلين مناسبًا إلى
دوريهما، أم كان الأمر هو القبول بالمتاح فقط؟

في الحقيقة مينا مسعود ومروان كنزاري هم الأسوأ أداء في الفيلم بالكامل،
فالأول لا يحمل الكاريزما أو خفة الظل الملائمان لدور علاء الدين،
والثاني اختياره غير منطقي سواء من حيث الإمكانيات الفنية أو حتى الفئة
العمرية، فجعفر الوزير والشخص الثاني في القصر السلطاني ليس من المفترض
أن يكون شابًا في الثلاثينات، والأهم أن هذه الشخصية داهية حقيقي استطاع
التلاعب بالسلطان لسنوات، وجاء أداء مروان مسطحًا للدور لا يتلائم حتى مع
الشخصية الكارتونية الذي قدمها فيلم الرسوم المتحركة في التسعينات من
القرن الماضي.

وعلى عكس كل التوقعات التي تربصت بويل سميث و تقديمه لشخصية الجني بعد
إبداع روبين ويليامز في هذه الأداء الصوتي بنسخة الرسوم المتحركة استطاع
سميث أن يخالف كل هذه التخوفات، ويصبح بالفعل أفضل ما في الفيلم على
الإطلاق.

فهو بالفعل استفاد من تجربة ويليامز وابتعد بأدائه عن محاكاته تمامًا،
وصبغ الشخصية لتصبح مشابهة له، حتى كانت له لمسات خاصة في الأغاني
وموسيقى الهيب هوب والنكات التي يلقيها، ما جعل كل الممثلين الآخرين في
الفيلم باهتين بالفعل أمام أدائه الحيوي والمميز.

أقرأ أيضًا: فيلم Aladdin القادم ليس للجمهور العربي.. هل أخطأت ديزني
باختيار الممثلين؟!

محتوى يليق بالألفية الثالثة ومؤثرات بصرية تعمي الأبصار

من الطبيعي أن يتغير محتوى الأفلام عند إعادة تقديمها، من ناحية حتى تصبح
ملائمة مع فئات عمرية أكثر تنوعًا ومن ناحية أخرى حتى تكون ملائمة لروح
العصر، ذلك حدث في أفضل صوره في فيلم ماليفسنت إنتاج 2014، الذي غير في
طبيعة الشخصيات ذاتها لتصبح أكثر نضجًا ومنطقية.

في فيلم علاء الدين حدث شيء مشابه، ليس بذات الأتقان لكن بما يكفي لجعل
النص واحد من أهم نقاط قوة الفيلم، فقد أضيف خطين مختلفين، الأول هو تطور
علاقة الصداقة بين علاء الدين والجني، والثانية هي الجانب النسوي في
شخصية ياسمين، التي تصارع التقاليد حتى تصبح السلطانة بعد والدها لأنها
الأحق بذلك، وترفض الزواج من أي أمير ليحكم مملكتها التي تهتم بها لمجرد
أنه ذكر.

تحارب ياسمين القوانين القديمة، وضغط جعفر على والدها، ومحاولات الأخير
لإقناعها بضرورة الرضوخ للواقع، وتصبح محركة للأحداث في لحظة حاسمة،
عندما تقرر الحديث بعد طول سكوت، في أغنية ذات كلمات قوية يداعب كتابها
الاتجاه النسوي السائد الآن في هوليود.

لكن المخرج جاي ريتشي الذي ساهم في كتابة النص قام بتغطية كل شيء بطبقة
لامعة من مؤثرات الـ CGI بصورة مفرطة جعل الفيلم مبهرجًا بصورة بصرية
وصالحًا للأطفال المنبهرين فقط.

في النهاية فيلم علاء الدين عمل مسلي أفضل من التوقعات السلبية السابقة
له، لكن يظل فرصة ضائعة لديزني وملىء بالعديد من الأخطاء سواء الإخراجية
أو الإثنية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق