الثلاثاء، 28 مايو 2019

عندما تفشل عربيا، فكر عالمياً.. كيف سبق هذا الرجل امازون في الخدمات السحابية

يركز أغلب رواد الأعمال في المنطقة العربية على المشاريع المتوجهة إلى
المستخدم النهائي والى السوق العربية بوجه التحديد، مثل تطبيقات طلب
الطعام، أو حجز الفنادق، أو تطبيقات مثل أوبر وكريم وما إلى ذلك. ومع أن
بعض هذه المشاريع حققت نجاحاً كبيراً بالفعل، إلا أن هذا لا يعني أن هذا
كل شيء، فهنالك مجال لكثير منيركز أغلب رواد الأعمال في المنطقة العربية
على المشاريع المتوجهة إلى المستخدم النهائي والى السوق العربية بوجه
التحديد، مثل تطبيقات طلب الطعام، أو حجز الفنادق، أو تطبيقات مثل أوبر
وكريم وما إلى ذلك. ومع أن بعض هذه المشاريع حققت نجاحاً كبيراً بالفعل،
إلا أن هذا لا يعني أن هذا كل شيء، فهنالك مجال لكثير من المشاريع التي
نحتاجها في المنطقة لتقدم لنا نواة تقنية حقيقية تخدمنا اليوم وفي اليوم
المستقبل، والحديث هنا عن أشياء مثل الحماية، الذكاء الصناعي، الحوسبة
السحابية، وأدوات تحسين الانتاجية للأفراد والشركات، وغيرها الكثير.

مؤيد شحادة رائد أعمال متسلسل Serial Entrepreneur من الأردن أسس شركة
تقدم خدمة النسخ الاحتياطي للشركات على السحابة، في وقت لم نكن نعلم فيه
ما معنى الحوسبة السحابية، وحققت شركته نجاحاً كبيراً على مستوى العالم،
وتضمنت قائمة عملائها شركات كبيرة بحجم ديوراسيل شركة البطاريات الشهيرة،
و Team Viewer خدمة التحكم بالحواسيب عن بعد، والكثير من الجهات
الأكاديمية العالمية، وقد أشاد بشركته المدير التنفيذي لخدمات أمازون
السحابية الشهيرة AWS في أحد الفعاليات المختصة بهذه التقنيات في مدينة
لاس فيغاس الأمريكية… يخبرنا السيد مؤيد عن رحلته.

البداية وحيداً

"درست الهندسة المعمارية في جامعة العلوم والتكنولوجيا في عمّان، وتخرجت
في عام 2000، ولكني بدأت كتابة التعليمات البرمجية منذ أن كان عمري 10
سنوات وصنعت أول لعبة عندما كان عمري 16، كنت أود التخصص اكاديمياً في
هذا المجال منذ ذلك الوقت، ولكن لم يكن هذا الفرع متاحاً لدينا في ذلك
الوقت، وبعد التخرج قمت بعمل شركة في منزلي وقمت بعمل أول برمجية تجارية
من خلالها، وكانت في ذلك الوقت برنامجاً للنسخ الاحتياطي لرسائل البريد
الالكتروني ضمن Outlook Express، ووضعته على الانترنت، ومع أنه كان
بسيطاً جداً إلا أنه نجح في تحقيق مبيعات شجعتني على المضي قدماً. أمضيت
3 سنوات أعمل بمفردي حتى جمعت مبلغاً من المال مكنني من توظيف أناس للعمل
معي، واستمرينا بالعمل والتوسع حتى وصل عددنا إلى ٢٠ موظف بحلول 2009"

في مطلع الألفينات ومع بداية دخول الإنترنت إلى بيوتنا في العالم العربي،
كانت غالبية الأفكار السائدة تتمحور حول كيفية الاستفادة من هذا الاختراع
الجديد في مجال الترفيه، ولم تكن حدود الأفكار عند مستخدمين أو حتى
المطورين الذين يدخلون هذا السوق تتعدى مواقع الدردشة والتعارف وقراءة
الأخبار والأبراج، ولكن في نفس الوقت فئة قليلة من الرواد مثل شحادة
وروني مشحور وسميح طوقان وغيرهم يعملون في الخلفية على مشاريع غيرت
الكثير وربما ساهمت في فتح أسواق جديدة لم تكن معروفة من قبل.

"كانت هذه مشكلة عانيت منها شخصياً، ففي أحد الأيام فقدت معلوماتي المهمة
على بريدي الالكتروني الذي كان يستخدم Outlook في ذلك الوقت، فكانت
الطريقة الكلاسيكية التي تأتي بها أفكار المشاريع،  وقمت بعمل التطبيق
لنفسي لحل هذه المشكلة، ومن ثم بدأت بالتفكير بالقيام بهذا المشروع على
نطاق أوسع وبدأت بعمل موقع الكتروني لبداية بيع البرنامج على الانترنت."

"لازلت أذكر شعوري عندما بيعت أول نسخة من التطبيق مقابل 20 دولار لشخص
في الولايات المتحدة، لقد كان شعوراً لا يوصف، أن تقوم بعمل منتج للسوق
العالمي الغني بالمنافسين وتتفوق على منافسين غربيين، وتحقق مبيعات في
ذلك الوقت، كان ومازال أمراً مدهشاً، و منذ تلك اللحظة تشجعت كثيراً على
المضي قدماً في المشروع، وتابعت العمل فيه."

التوسع

توسعت خدمات شركة Zoolz التي أسسها مؤيد لتقدم خدمات النسخ الاحتياطي
السحابي المتطورة للشركات قطاعات مختلفة من الرعاية الصحية، الإعلام،
القطاع العقاري، القانوني وحتى التعليمي، وقدمت لكل قطاع ما يحتاجه من
خدمات بشكل خاص، فمثلاً في القطاع الطبي هنالك خدمة رفع الصور الشعاعية
بطريقة خاصة تمكن الأطباء والمشافي من الوصول إلى هذه الصور من السحابة
مباشرة من أي جهاز والاطلاع عليها، وحتى مشاركتها مع الزملاء، وهكذا
خاصية  قد تساهم في إنقاذ حياة مريض في حالة لا تحتمل انتظار وصول الطبيب
من مكان بعيد على سبيل المثال، لتتجاوز بذلك خدمات الشركة مجرد النسخ
الاحتياطي، وتدخل أيضاً في قطاع تحسين الانتاجية، وحل المشاكل التقنية في
وقت قياسي، خاصة مع دخول تقنيات الذكاء الصناعي بشكل أكبر.

"نقدم خدمات النسخ الاحتياطي السحابي الذكي للكثير من الشركات بمختلف
أحجامها حول العالم، وبما يتوافق مع القوانين العالمية المنظمة لهذا
الموضوع مثل GDPR و HIPAA،  ولدينا شراكة مع شركة يابانية عملاقة تقدم
خدماتنا إلى أكثر من 500 ألف مستخدم لديها هناك بعد وضع علامتها التجارية
الخاصة وتدفع لنا مقابل ترخيص هذا الاستخدام بشكل سنوي. أضفنا طبقة من
الذكاء الصناعي إلى خدماتنا تساعد على تسهيل مهمات مثل البحث في الصور من
خلال تقنيات التعرف عليها وما إلى ذلك."

"ما زلنا نقدم نفس خدمات النسخ الاحتياطي السحابي للمنازل والأفراد
أيضاً، وقمنا مؤخراً بإطلاق تطبيق يمكنك تثبيته على هاتفك المحمول ليقوم
بحماية معلوماتك من خلال نسخها احتياطياً في سحابة آمنة مع مساحة مجانية
مزودة أيضاً بطبقة الذكاء الصناعي التي طورناها، ومازلنا نعمل على تحقيق
المزيد."

المشاكل

لا يختلف اثنان على أن العالم العربي ليس المكان المناسب لبداية مشاريع
ريادية خاصة في المجال التقني، حيث أن القرصنة هي الثقافة الدارجة بدل أن
يكون العكس، ويعاني رواد الأعمال العرب من الكثير من المشاكل الأخرى التي
تمنع نجاحهم أو تعيقه وتأخره على الأقل في هذه البلاد وتضطرهم إلى السفر
والمتابعة في الخارج، مثل عدم وجود البيئة الحاضنة، أو الجو المساعد
و"الايكوسيستم" الذي يسهل عملهم.

"لم يكن هنالك اهتمام أو وعي بأهمية الحماية والنسخ الاحتياطي لا عند
الأفراد ولا الشركات، بل كانو يستخفون بأهمية ذلك كثيراً، ولكن الوضع بدأ
يتغير تدريجياً نحو الأفضل في السنوات الأخيرة وبدأت الشركات خاصة
التقنية منها تحس بأهمية قطاع حماية البيانات وحاجتها له."

"لم يكن هنالك تقدير لهذا النوع من المشاريع، فكما قلت كان السائد في ذلك
الوقت هو مشاريع الدردشة والمواقع الترفيهية، بالطبع لسنا ضد هذا النوع
من المشاريع، وبعضها حقق نجاحاً كبيراً يحترم، ولكن بكل تأكيد هذا ليس كل
شيء، ونحن بحاجة إلى مشاريع في نواة التقنية، وأفكار تطويرية وعلمية
تساعد على التقدم بشكل مباشرة."

بصيص الأمل

وعلى الرغم من قتامة المشهد في البلاد، إلا أنه مازال هنالك أمل كبير في
الأولاد، فهنالك الكثير من الشباب الواعي المثقف الذي يريد أن يتعلم
ويساهم في تحقيق إنجازات ونهضة حقيقية، وحتى لو لم تقم الشركات بتقديم
خدماتها في البلاد العربية للأسباب المذكورة أعلاه، إلا أن الطاقات
الموجودة لدى الشباب، ومع سهولة الوصول الى مصادر تعلم الخبرات الجديدة
عبر الشبكة، وتقنيات التواصل والعمل عن بعد، لم يعد هنالك داع حتى للسفر
والاغتراب في الخارج بحثا عن عمل في شركة محترمة، فقد تأتي هذه الشركة
إليك بنفسها، وبفرص ممتازة!

"لدينا مكتب في عمّان، وغالبية التطوير والعمليات التي نقوم بها تحصل
هناك، بينما تحصل المبيعات والتسويق في لندن و في اليابان، ولدينا أمل
كبير في الطاقات الشبابية الموجودة التي نعمل معها، هنالك شباب لديهم
كمية ابداع كبيرة، هم بحاجة فقط إلى القليل من الصقل والتدريب والتوجيه."

فكر عالمياً، ابذل ضعف المجهود، والمقالات وحدها لا تكفي!

تعتبر قصة مؤيد شحادة وشركته محفزاً كبيراً للبحث عن أفكار جديدة تساعد
في حل المشاكل والكوارث الموجودة في العالم العربي، وفي نفس الوقت النمو
والانتشار على مستوى العالم وتحقيق نجاح تجاري يجذب المستثمرين والشركات
الكبرى أيضاً، ويمكنني اختصار نصائحه لرواد الأعمال الجدد وأصحاب
المشاريع الناشئة بعنوان الفقرة المذكور أعلاه : فكر عالمياً، ابذل ضعف
المجهود، والمقالات وحدها لا تكفي.

"اقرأ ما أمكنك من الكتب (لا تكتفي بالمقالات) في مجال اختصاصك، وسع
معارفك وإطلاعك عليه ولا تتوقف عن التعلم، فمجال التقنية يتحرك ويتغير
بشكل مخيف، وعلى رواد الأعمال بذل ضعف المجهود وتحمل الكثير من الضغط
والإحباط ومراحل الصعود والهبوط التي سيواجهونها عند دخولهم لهكذا مجال،
ولكن المؤكد أن كل عمل وجهد سيؤتي ثماره في النهاية."

"أيضاً عليك كرائد الأعمال أن تفكر على مستوى عالمي حتى لو كانت بدايتك
على نطاق محلي فقط، ضع التوسع على نطاق أكبر ضمن خططك، فالسوق العربي في
قطاع التقنية تحديداً بكل اتجاهاته من نشر وتطبيقات وألعاب وحتى التجارة
الالكترونية وكل شيء لا يشكل سوى جزء صغير من السوق العالمي، فابدأ
محلياً ولكن ضع الانتشار العالمي ضمن مخططاتك منذ البداية."

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق