(لازم يبقى فيه حل) ...جملة صاحت بها جارتي يأسًا وضجرًا ...فصوت دبدبة
أقدام أولادي الصغار على أرضي وسقفها يوترها... لا اتخيل أن هذه الدبدبة
الضاحكة نهارًا قد تكون مزعجة لهذا الحد فالأصوات بالنسبة لي هي الحياة
هي التفاصيلتدوينة: ياسمين غبارة
(لازم يبقى فيه حل) …جملة صاحت بها جارتي يأسًا وضجرًا …فصوت دبدبة أقدام
أولادي الصغار على أرضي وسقفها يوترها… لا اتخيل أن هذه الدبدبة الضاحكة
نهارًا قد تكون مزعجة لهذا الحد فالأصوات بالنسبة لي هي الحياة هي
التفاصيل…. فعندما يبدأ باب بالصرير لا أصلحه ولا أسمح لأحد بإصلاحه لأن
مثل هذه الأصوات تجعلنى أعلم أن هناك من فتح درج أدوات التصليح من
أبنائي وأن أحدهم خرج إلى الشرفة لينادي على القطة. الأصوات تجعلنى أعلم
ان هناك من هو جائع يبحث في الثلاجة وان أحدهم فتح التلفاز ليشاهد
الكارتون ففي الأصوات حياة وونس، إلا أن جارتي مختلفة ولأن الأختلاف هو
ما يجعل للحياة ألوانًا فقد احترمت رغبتها في السكون. احترمت اعتيادها
على نوع من الحياة الهادئة وجاء أبنائي كقوات إحتلال عصفت بهذا الهدوء
وبكل ما يرتبط به من طقوس حياة.. حقًا احترم رغبتها، ولكني وقفت أمام
عبارتها (لازم يبقى فيه حل) وفكرت ما الحل؟
المشي بالنسبة لطفل فى الرابعة هو الركض أو (الحنجلة) على أفضل
الاحتمالات فلا يوجد حل، إلا إذا اخترعوا جهاز أضعه على أقدام أولادى
بحيث يصدر ذبذبات تمنعهم من الركض داخل المنزل، وحتى إذا اخترعوه فهو
سيكون جريمة فى حق الطفوله القصيرة التي يعيشها ابناؤنا فالركض والانطلاق
هو ما يجعل الطفوله تطير وتهرب بعيدًا عن ذلك العالم الذي يَحزن ويخطئ
ويعيش فيه الكبار.
اعترفت لنفسى بان الحل الوحيد الذي سيكفل الاستقرار الكامل لجارتي هو أن
نغادر البناية نهائيًا وبما أن هذا الحل ليس اختيار ظللنا شهور نقوم
بلعبة (توم اند جيرى) هي تشكو قليلًا وتسكن قليلًا ونحن نصدر ضجيج الحياة
معظم الوقت ونخفت أحياناً. لم تحل المشكلة إلا اننا أعتدنا… أعتدنا ان
نتحمل قليلًا ونشكو قليلًا وبين التحمل والشكوى ولد نوع من الاعتياد،
وهكذا هي مشاكل الحياة نحاول ان نحلها، نحاول ان نقتلع المشكلة من
جذورها اقتلاع الضرس المؤلم لنرتاح، إلا أن بعض المشاكل ترفض وكأنها
والأرض واحد نظل نجذبها ونحاول الوصول لتلك الجذور العنيدة بكل ما أودع
الله فينا من قوة وجلد متسلحين بالإراده و بفكرة (أن كل عقبة نستطيع
تجاوزها… نسطيع فك طلاسمها) إلا أننا نتعب ونتوه بين إحباط الإستسلام
ورضا التسليم…. نجلس أمام الألم القدري المكتوب لأرواحنا أن ترافقه
ونستعين عليه ببعض المسكنات فنتوقف عن التحديق فيه وننظر حولنا لننسى
قليلًا وكلما ذهب تأثير المسكن وفاق الألم احتمالنا ارتئينا مسكنًا اخر
يظهر أمامنا ونعتاد ويعتاد العمر ذلك الوخز الخفيف ورغم أنه من الصعب
علينا أن نتقبل هذه الحقيقة لأننا نعيش فى عصر التكنولوجيا والممكن
والسهل والسريع فنشعر فعلاً (أن كل مشكلة لا بد أن لها حل ) إلا أن طبيعة
الحياة وخلقتها اثبتت لنا انها الأقوى مهما اختلف الزمن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق