«من غير المفيد أن تخبر نهرًا ليوقف انسيابه، أفضل شيء هو أن تتعلم كيف
تسبح في اتجاه انسيابه» العالم اليوم يلج عصرًا رقميًّا جديدًا جعل كلًا
من رجال الأعمال ورواد الأعمال المبتدئين والأشخاص العاديين يتساءلون عما
هو آت. ليس هناك تغيير فحسب، بل أن هذا التغيير بات متسارعًا جدًا، فجيل
الألفية مختلف تمام الاختلاف عن«من غير المفيد أن تخبر نهرًا ليوقف
انسيابه، أفضل شيء هو أن تتعلم كيف تسبح في اتجاه انسيابه»
العالم اليوم يلج عصرًا رقميًّا جديدًا جعل كلًا من رجال الأعمال ورواد
الأعمال المبتدئين والأشخاص العاديين يتساءلون عما هو آت. ليس هناك تغيير
فحسب، بل أن هذا التغيير بات متسارعًا جدًا، فجيل الألفية مختلف تمام
الاختلاف عن الأجيال السابقة عنه بقليل -أجيال التسعينات والثمانينات-
فلهم موسيقى مختلفة ونجوم سينما وألعاب فيديو مختلفة بل مواقع إلكترونية
للإعلام الاجتماعي Social Media مختلفة.
تخترق تكنولوجيا المعلومات والثورة الرقمية Digital Revolution كل أوجه
الحياة اليومية تقريبًا وتغيرها بطريقة أساسية عبر دخول عصر وسائل
التواصل والإعلام الاجتماعي وتحولات البيئة الاتصالية في معترك حياتنا
الثقافية والاجتماعية والاقتصادية وجميع الأنشطة الأخرى، وفتحت الباب
لبداية جديدة لعلم وفن التسويق بما يعرف بالتسويق التحويلي
Transformational Marketing.
شسمو: ملامح الهوية الرقمية
وفي كتابه «شسمو: ملامح الهوية الرقمية » يقدم استشاري وخبير التسويق
الرقمي والإعلام الاجتماعي «أ. خالد الأحمد » دليلًا سهلًا ومبسطًا
لكيفية صناعة علامة تجارية شخصية Personal branding مميزة في عصر الإعلام
الاجتماعي، يمكنه أن يساعدك في التنقل بين الفرص الجيدة في الحياة عبر
الاستغلال الأمثل لهويتك الرقمية على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي.
يمكنك زيارة الموقع الرسمي للكتاب من خلال هذا الرابط (shusmo.me ).
الكتاب بالأساس يصنَّف ضمن كتب التنمية الذاتية، حيث يستعرض قصة نجاح
مؤلفه الشخصية والملهمة في التحول الرقمي، من البدايات المتواضعة وحتى
الوصول لأعلى مراتب المهنية، وذلك بأسلوب شيق من خلال سرد قصص وتجارب من
الكويت والجزائر والولايات المتحدة الأمريكية والأردن.
وما يشكل أهم ميزة للكتاب أنه خرج عن الجمود المعتاد الخاص بأسلوب
الكتابة المعتمد في نوعية الكتب الإدارية المتخصصة، وبصفة خاصة ضمن تصنيف
كتب التنمية الذاتية والتسويق الشخصي الذي تتسم به المكتبة العربية ويغلب
عليها الطابع الأكاديمي الجاد.
فقد جاء بسيطًا وسلس اللغة والأسلوب، وطريقة السرد رائعة وجذابة وتشد
القارئ لإكمال الكتاب دون ملل، حيث اعتمدت على القصص والحكايات وضرب
الأمثلة الحية بطريقة مرحة تغلب عليها روح الفكاهة.
قصة صعود ملهمة
لقد قدم مؤلف الكتاب «أ.خالد الأحمد» تجربةً في الصعود من العدم، فسرد
قصة صعوده الملهمة والمثيرة والمليئة بالإحباطات من أبسط البدايات وأقلها
تواضعًا، فقد بدأ الدراسة الجامعية في عمر متأخر في سن الخامسة
والثلاثين، وامتهن ببعض المهن المتواضعة كبائع في محل أشرطة فيديو وغاسل
صحون في أحد المطاعم.
ثم بدأ مسيرته نحو علم الـ Social Media وتخصص في هذا المجال، حتى نجح في
تكوين اسم قوي في عالم التسويق الرقمي والاستشارات الإدارية وبناء الهوية
والعلامة التجارية الشخصية، تأكيدًا لمقولة جورج برنادر شو:
«ليس هويتك ما قدر عليك، بل هو ما تبتكره بيدك!»
وجبة فكرية سلسة
الكتاب في مجمله صغير الحجم، مكون من 127 صفحة تم تقسيمها لخمسة فصول،
تساعد في فهم نفسية مواطني منصات الإعلام الاجتماعي الأشهر، وهي: "عالم
الواقع والعالم الرقمي، ولايات فيسبوك المتحدة، مملكة تويتر المتحدة
العظمى، مواطنة العوالم الرقمية الأخرى، ممالك العالم الرقمي ومستقبلنا".
وضمن كتابه «شسمو» قدم «الأحمد» نظرته الخاصة لمفهوم الأمم الرقمية
Digital Nations، حيث شبه المنصات الرقمية للإعلام الاجتماعي الجديدة
ببعض دول العالم، من حيث تحليل سلوك مواطنيها الرقميين Digital Natives؛
فكل منصة من منصات التواصل الاجتماعي المعروفة شكلت ما يشبه الدولة في
الفضاء الرقمي، فكان لها ملامحها وطبيعتها وقوانينها الخاصة، لنجد أن
منصة فيسبوك متحررة وغير متكلفة في التعامل لذلك فهي تشبه الطابع
الأمريكي، ويمكن أن نطلق عليها «ولايات الفيسبوك المتحدة».
بينما نجد أن منصة تويتر للتدوين المصغر تمثل النخبة فمستخدموها من
المشاهير وكبار الشخصيات وصناع الرأي والقرار، وهي تتشابه مع النمط
الرسمي المنمَّق لبريطانيا، وعليه يمكننا أن نطلق عليها «مملكة تويتر
المتحدة العُظمى»، وبما أن لكل منصة طبيعتها، فبناء سمعتك الرقمية على
تويتر تحتاج منك لتعامل خاص، فهي تحتاج لمؤهلات فكرية نخبوية.
في حين أن منصة لينكدإن تتسم بالجدية والعملية كما لو كانت ألمانيا،
فيمكن أن نطلق عليها بأريحية «جمهورية لينكدإن المتحدة»، ثم تحدث عن
المنصات الشبابية المستحدثة كمنصة سناب شات وطبيعة مستخدميها التي تشبه
إمارة دبي.
وفي النهاية يسلط الكاتب الضوء على خطورة البيانات الكبيرة واقتصاد
الاهتمام والعواطف على وسائل الإعلام الاجتماعي الجديد.
لماذا شسمو؟
وعن غرائبية عنوان الكتاب يقول المؤلف في مقدمة كتابه:
«شسمو» عنوان يأخذنا جميعًا إلى نقطة الانطلاق، لو ذكرت لكم أنني «خالد
سميث»، أو «خالد عمر»، أو «خالد ما»، أو «خالد ترامب»، أو «خالد الأحمد»،
ستكونون عني انطباعًا قبل أن تروني، و هذا يقلل من فرصي لديكم. ولكني أضع
بين يديكم كتابي هذا الذي تتشكل فيه ملامحي الرقمية منذ أول فصل وحتى آخر
فصل، وبعد أن تنتهوا من مطالعته، لكم أن تطلقوا عليه الاسم الذي ترونه
مناسبًا، لتتوقفوا عن التساؤل، «شسمو؟».
وفي تصريح حصري لمجلة أراجيك عن الهدف المنشود من وراء تأليف ونشر الكتاب
قال لنا «أ. خالد الأحمد»:
«أملي أن يثري هذا الكتاب المكتبة العربية والفكر التسويقي فيما يتعلق
ببناء الهوية الرقمية للأشخاص الذين يصارعون المشاكل والمخاطر اليومية
أثناء تعاملهم مع وسائل الإعلام الاجتماعي؛ فهو بمثابة إرث أتركه للغير
حتى يستفيد من تجربتي الحياتية في بناء هوية رقمية ناجحة».
ويقول المؤلف إنه يمتلك قصة قد تفيد الآخرين وتلهمهم لمتابعة مستقبلهم
مهما كانت الصعاب، وقد استغرق في كتابته أربع سنوات، كما لو كان ملتحقًا
ضمن صفوف الدراسة الجامعية، فقد كان مشروعه الذي حلم به طويلًا.
والكتاب بصفة عامة سهل القراءة، تستطيع إنهاؤه في جلسة واحدة، ولا يستهدف
فئة رجال الأعمال ورجال المال ورواد الأعمال حصرًا، بل هو موجه لكافة
الأشخاص العاديين، ممن يهمهم الظهور بالشكل اللائق على منصات التواصل
الاجتماعي وبناء سمعة طيبة عليها، كما يقدم قصة نجاح وسيرة مهنية مؤثرة
لصاحبه ضمن طياته.
وقريبًا يصدر الكتاب في نسخته الصوتية، بعد تعاقد المؤلف مع منصة
Storytel المتخصصة في تقديم الكتب الصوتية لتحويل الكتاب لنسخة مسموعة،
ليكون متاحًا لجمهور أكثر اتساعًا من القراء الرقميين. كما يعقد المؤلف
ضمن نشاطه دورات تدريبية متخصصة في مجال التسويق عبر منصات الإعلام
الاجتماعي، ودعم وتحسين الهوية الرقمية الشخصية.
وإليكم بعض الاقتباسات التي راقت لي ضمن فقرات كتاب «شسمو»:
حتى لا نصبح عبيدًا للآلة ولواقع الذكاء الاصطناعي، لا بد لنا من
الاعتزال الرقمي، أو الصيام الإلكتروني، وصولًا لمرحلة الاعتدال
الإلكتروني.
تعد الرقابة الذاتية من أهم مقومات الهوية الرقمية، لأن الرقابة الخارجية
في عالم التواصل الاجتماعي تأتي متأخرة، أي تأتي بعد النشر، لا قبله، كما
هو الحال في وسائل النشر التقليدي.
في العالم الواقعي مفاجآت تفوق أحيانًا ما يجنح به العالم الرقمي، فقد
يتدخل شخص ما في لحظة ما، ويكون هذا الشخص الدافع لتغيير حياتك.
إن كان لديك خياران فيجب أن تصنع خيارًا ثالثًا.
وأخيرًا، لا تغني هذه المراجعة السريعة والعرض المكثف لأهم أفكار الكتاب
عن اقتنائه، فهو كتاب ثري يستحق أن يكون ضمن رفوف مكتبتك الخاصة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق