الثلاثاء، 29 أكتوبر 2019

دليلك لتأليف أولى رواياتك.. التعريف بخريطة الرواية وبعض النصائح – الجزء الثاني

تحدّثنا في مطلع سلسلتنا الفريدة هذه عن الحجر الأساس والخطوة الأولى في
رحلتك لتأليف أولى رواياتك، تعرّضنا فيها إلى مدعاة تأليف الرواية
والظروف المحيطة التي من شأنها أن تعزّز وتشحذ هممك لتخط روايتك الأولى
بهمّة وعزيمة. لنصل الآن إلى اللَّبِنَةِ الأولى لبناء هيكلية متينة
ومتوازنة لروايتك، ففي جُزئنا الثاني هذا وما يلي ذلك من أجزاءتحدّثنا في
مطلع سلسلتنا الفريدة هذه عن الحجر الأساس والخطوة الأولى في رحلتك
لتأليف أولى رواياتك، تعرّضنا فيها إلى مدعاة تأليف الرواية والظروف
المحيطة التي من شأنها أن تعزّز وتشحذ هممك لتخط روايتك الأولى بهمّة
وعزيمة. لنصل الآن إلى اللَّبِنَةِ الأولى لبناء هيكلية متينة ومتوازنة
لروايتك، ففي جُزئنا الثاني هذا وما يلي ذلك من أجزاء سلستنا سنتحدّث
فيها عن الهيكليّة الصحيحة التي يجب أن تُبنى عليها الرواية لتحظى بوقع
فريد لدى قارئيها.

كيف تبدأ بكتابة رواية – الجزء الأول

وفي سبيل ذلك سنتطرّق إلى ما يقارب خمسة عشر خطوة، نسوقها واحدةً واحدة،
في مخطط متدرّج سيكون بمثابة دليلك الأساسي لتأليف رواية فريدة ستحظى
باهتمام جمهرة وفيرةٍ من القرّاء، ولا بُد من الالتزام بكل خطوة من هذه
الخطوات قدر الإمكان، مع ضرورة ترك حظٍّ وفير لطابعك الشخصي، وهو أمرٌ
أساسيّ لتمنح روايتك صبغةً فريدة تتميّز بها عما سواها من الروايات
الأخرى.

سنستهّل هذا المقال بالتعريف عن "خريطة الرواية" وهو مفهوم أساسيّ
سيعطينا فكرةً شاملة ومسبقة عن كيفيّة تأسيس دعائم الرواية وتأمين الخطوط
العريضة التي تشترك بها جميع الروايات، قبل الولوج في التفاصيل الخاصّة
التي تميّز كل رواية عن الأخرى. كما سنذكر بعض النصائح العامّة التي
ستكون ذخرًا جيّدًا لك أثناء رحلتك في كتابة مقالك الأوّل.

خريطة الرواية

خريطة الرواية (بالإنكليزية novel roadmap) هي بمثابة كتيّب إرشادات يضع
أمامنا خطوةً بخطوة كيفيّة هيكلة الرواية ابتداءً من الفكرة الخام التي
ستقوم عليها روايتك وصولًا إلى الحبكة وتفاصيلها وانتهاءً بنشر روايتك،
والخريطة العامّة تتضمّن:

العناصر المفتاحية للقصة.

هيكليّة الحبكة.

تطوّر الشخصيات.

الإيقاع المثير.

الحبكات الجانبية.

الكتابة.

التحرير والتعديل.

البروتوكولات الحاليّة لترتيبات نشر الرواية.

جميع الخطوات الخمسة عشر التي سوف نستعرضها خلال سلسلتنا لكتابة الرواية
تُفضي إلى هذه النقاط الرئيسية السابقة لهيكلية الرواية. وفي كل خطوة سوف
نستعرض عدّة عناوين عريضة هي:

الأساس النظري للخطوة وخلفيّات تفاصيلها.

الوصف.

أمثلة.

مهام واضحة وسهلة التنفيذ للتدريب.

ولكن هل لدليل خطوات تأليف الرواية محدوديّات أو سلبيات؟ قد تتساءل، في
الواقع دليل الرواية الذي سنستعرضه يمتلك، دعنا نقُل، بعض "العوائق"
البسيطة، وفيما يلي أهم الأمور التي يجب عليك مراعاتها والتنبّه لها
أثناء توظيفك لدليل تأليف الرواية:

دليل التأليف يقتل الإبداع، هل هذا صحيح؟

في الواقع هنالك الكثير من المبتدئين الذي يعتقدون، وهم في الواقع يصيبون
جُزءًا من الحقيقة، أن توظيف دليل موحّد كمنهج رئيسي لعمل روايةٍ ما، قد
يكتم صوت الإبداع عند المؤلّفين، ويسفر في النهاية عن كتب ومؤلّفات
رتيبةٍ متشابهة. إلًا أن منطق التفكير هذا ينقصه الواقعيّة، كيف؟ حسنًا
إن الدليل هو مجرّد خُطوات وتعليمات لإنجاز عملٍ ما وليست هي العمل
بذاته، أليس هذا صحيحًا؟

إذًا قد يخوض مئات الكتّاب في دليل الكتابة ذاته إلا أنّهم يخرجون بكتب
ومؤلّفات مختلفة جدًّا لدرجةٍ يصعب معها تخمين أنهم جميعًا اشتركوا في
منهجيّةٍ وخطوات واحدة؛ فالرواية في النهاية هي تجربة ذاتية وبصمة شعورية
فردية ولا يمكن أن يتشابه هذين الطابعين بين كاتبين. فلا يمكن لكاتب أن
يقلّد رواية آخر بشكلٍ كامل حتى لو حاول ذلك.

عليك في بعض الأحيان إطلاق العنان لمخيّلتك وإبداعك

عليك أن تعلم أنّ الالتزام بخطوات الدليل لا يعني الاتّباع الأعمى له على
حساب مخيّلتك وتفكيرك. فالدليل يعطيك الهيكلية والأسس اللازمة لتبنيَ
أنت، بفكرك وإبداعك، منظومة روائية فريدة، فالدليل يعطيك الريشة والألوان
أما لوحة الإبداع فعليك أن خطّها ورسمها بمخيّلتك. فّإذا ما شعرت وأنت
تؤلّف روايتك بنزعةٍ إبداعيّة داخليّة قوية للخروج عن بعض قواعد الدليل
فلا تتردّد أبدًا في إطلاق العنان لها.

كيف عليك توظيف خريطة الرواية؟

لا يخفى على أحدٍ منّا أنّ الكتّاب على كثرتهم مختلفون في آرائهم
وشخصياتهم وتوجهاتهم وفكرهم، فلكلٍّ طريقته وأسلوبه في خطّ كتابه. لذلك
فإن خريطة الرواية ليست جُملة من القوانين والأوامر الصارمة التي يجب أن
يتقيّد بها الجميع حرفيًّا دون انحراف أو تغيير، ليس الأمر كذلك إطلاقًا!

هي فقط مجرّد آليّة وخوارزمية مُقترحة بعد بحث وتمحيص ودراسة تُساعد
وتسهّل على الكاتب بناء أسس روايته ووضع خطوطها العريضة. فإن كانت نقطة
انطلاق الكاتب هي النقطة (أ) والنقطة (ب) هي نقطة انتهائه من روايته بشكل
كامل، فالخريطة هنا مجرّد دليل يقترح عليك طريقًا من الطرق الممكنة
للوصول إلى النقطة الهدف. ولكن بين النقطتين الكثير والكثير من الطرق
الممكنة والتشعّبات المُتاحة، فبإمكانك مثلًا أن تختار طريق الخريطة
تارةً ثم تهمُّ بطريق آخر في مرحلةٍ ما من روايتك وتعود بعدها إلى الطريق
الأساسي، فالخريطة مجرّد مُرشدٌ، وإبداعك هو مركبتك التي ستصل بك إلى خط
النهاية، فاحرص على استخدامها جيّدًا.

قبل الانتقال إلى جُزئنا الثالث من هذه السلسلة سوف نستعرض فيما يلي بعض
النصائح التي ستُساعدك على تهيئة بيئة مناسبة لتأليف كتاب رائع:

حاول أن تطوّر عادة كتابة يوميّة

في عالمٍ مثالي سيكون بمقدور كلٍّ منّا تخصيص وقت محدد ثابت للكتابة
يوميًّا، ولكن بالنسبة للكثيرين منّا فأيامهم المليئة بالأشغال والمهام
تجعل من ذلك أمرًا مستحيلًا، والحل الأفضل لتلك المعضلة يكمن في صيد
دقائق معدودة من برنامج اليوم المليء من أجل الكتابة. ومن الأفضل تخصيص
وقت مُحدد لذلك، إذا كان ذلك ممكنًا. وإن لم تتمكن من اقتناص وقت ثابت من
يومك للكتابة، فالزم قاعدةً واحدة وهي: اكتب يوميًّا؛ فالتزامك بهذا
الهدف اليومي، ولو بكتابة جملةٍ واحدة، سيُحافظ على همّتك مشحوذةً ويبقيك
على الطريق الذي رسمته في البداية.

قم بتخصيص مساحةٍ خاصّة فقط للكتابة

في الواقع يمكن للكتّاب أن يباشروا كتاباتهم في أي مكان، في المقاهي أو
المنزل أو حتى في مكتبهم الخاص (وهذا قد يكون حلم الكثيرين منّا). المكان
بحد ذاته ليس بذي أهميّة كبيرة إلا أن خصوصيّة المكان هي الأهم. هذا يعني
أنك أثناء تواجدك في مساحة الكتابة تلك يجب أن تكون بعيدًا عن كل
المُلهيات والمُقاطعات.

هذه الأمور التي تُربك تفكيرك قد تكون أفراد الأسرة أو الأعمال المنزلية
أو الهواتف أو حتى الإنترنت، وما سوى ذلك من الأمور التي تحيز على مساحة
التركيز في عقلك وتستهلك تفكيرك ووقتك. لذلك احرِص دومًا على تخصيص مساحة
هادئة لك تكون فيها بعيدًا عن أيّ صخب فكريّ.

لا تلم نفسك على الوقت الذي تخصّصه للكتابة

حسنًا، من الأخطاء الشائعة بين الكتّاب المبتدئين أنّهم يشعرون بالذنب
دائمًا تجاه الوقت الذي يمضونه في كتاباتهم. فدائمًا ما يستشعرون أن
عليهم الالتفات إلى واجباتهم والقيام بأمور "مُنتجةٍ" أكثر من الكتابة.

لا جدال إطلاقًا حول الواجبات الشخصية تجاه العائلة أو تجاه العمل أو
أيٍّ كانت تلك الواجبات، فيجب عليك أولًا أن تحترمها وتؤدّيها، ولكن
تذكّر دومًأ أنك أنت الآخر شخص ولك احتياجاتك أيضًا وأنّك تستحق أيضًا أن
تقوم بما ترغبه، فإن كنت تجد التسلية والمتعة في الكتابة فلا تتردّد
أبدًا في منح نفسك ما تتوق إليه وتحتاجه.

بعد هذه المقدّمات الطويلة أنت الآن مستعد لوضع مفتاح التشغيل في سيّارتك
والانطلاق في رحلتك لكتابة روايتك الأولى، وفي الجُزء التالي سنخوض
مباشرةً في خطوات دليل كتابة الرواية واحدة واحدة مستعرضين بعض النصائح
والأخطاء الشائعة وكيف يمكن تفاديها لبناء رواية ذات أساس متين وحبكة
مميّزة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق